الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الملف السوري مازال ساخناً ولن يُغلق بقرار 

الملف السوري مازال ساخناً ولن يُغلق بقرار 

11.08.2021
بهية مارديني

 
سوريا تي في 
الثلاثاء 10/8/2021 
ينظر أغلب السوريين بعين الإعجاب للديمقراطيات في الدول الغربية، ويحملون الكثير من التقدير لكيفية معالجة هذه الدول للملفات الدولية والإقليمية والداخلية، ورغم أن بعض الدول لا تبذل جهدا لإقناعهم بمواقفها، وبأنها على حق في كل قضية، لكن انبهار بعضهم يتخطى الحدود.. إلى أن جاءت الثورة السورية وحملت مع الدم.. الوعي.. ورغم ذلك بقي أغلب المعارضين يتعاملون بمثل هذا الانبهار مع مواقف الدول الكبرى وملف بلدهم.. ولأسباب كثيرة تحولوا إلى مستمع دون نقاش وإلى متلقٍ دون جدل وإلى منفذ دون اعتراض ولم تكن هناك شراكة حقيقية في العمل لمصلحة هذه الثورة ومستقبل السوريين. 
ورغم اعتياد بعض الدول تغليف قراراتها بقليل من السكر ولكنها اليوم، ربما ترى أن الشعب السوري في أضعف حالاته ما يمكنها من إصدار عدة قرارات بشأن سوريا دون تبرير أو إيضاح أو تجميل ولولا المواقف الدولية والأميركية الأخيرة المنددة لحرب النظام السوري على درعا (ولو أنها جاءت بمعظمها على تويتر) لأصابني المزيد من خيبات الأمل والعظيم من الإحباط.. 
ضد الجريمة 
في البداية علي أن أوضح، رغم بداهة الأمر، أنني ضد الجريمة بالمطلق ومع مبدأ المحاسبة لأي شخص أو عسكري أو فصيل من أي طرف كان، طالما تلوثت يداه بدماء السوريين وعلي أن أوضح أنني لن أكذب وأقول إنني لست من ضمن المعجبين بالدول الكبرى بالعكس أنا قابلت مسؤوليها والتقيت دبلوماسييها وتدربت ودربت في صفوف منظماتها، وأسهمت هذه التدريبات في بناء شخصيتي وحريتي على قاعدة قانونية ضمن أرضية الولاء لقضيتي دائما وبمفهوم الشراكة لا التبعية.. 
ومن هذا المنطلق ومن منطق التفكير الحر أرغب في توجيه تساؤلات حول ماهية وضع فصيل "أحرار الشرقية" على قائمة العقوبات الأميركية لفهم ما يجري علما أنني كحال أغلب من أنهكته المتابعة، ولا يعرف هذا الفصيل من ذاك ولكن الحدث كان لافتا خاصة أن الإدارة الأميركية تدرس توسيع لائحة العقوبات وقد اختارت هذا الفصيل ليكون البداية.. 
تساؤلات 
تساؤلاتي البسيطة أولا كيف يلتقي المسؤولون الأميركيون بهذه الفصائل بينما يعدون العدة لوضعها على لائحة العقوبات وكيف يشجعون معارضين على لقاء قادتها في الداخل وتحت اسمها خط أحمر وما الرسالة التي أرادت أميركا إيصالها من كل هذا؟ هل تعني أن تقول إنها تدعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) فقط أو أنها تدعم بعض فصائل الجيش الوطني دون البقية ولماذا لم يخرج إلينا مسؤول ليوضح جوهر هذه العقوبات وماهيتها وأبعادها وتأثيراتها؟ 
وما هي حقيقة أن هذه العقوبات هي مقدمة لإعدام الملف السوري وإغلاق مكاتب المعارضة بالكامل خاصة مع الحديث عن إيقاف دعمها.. ولكن السؤال المهم من هو المسؤول عن أكثر من عشر سنوات استشهد فيها سوريون ممن آمنوا بالحرية والكرامة وصدقوا خطاب مسؤول أميركي تحدث عن الأيام الأخيرة لبشار الأسد؟.. 
الفكرة هنا وحتى لا أكثر من الاسئلة أن فصيل "أحرار الشرقية "صنف وفقًا لـلمرسوم الأميركي الرئاسي رقم 13894 لتورطه في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في سوريا وأحد هذه الانتهاكات “القتل غير القانوني لهفرين خلف، السياسة الكردية والأمين العام للحزب السياسي سوريا المستقبل، وقتل حراسها الشخصيين، في أكتوبر 2019” وهي جريمة اعتبرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة من أجل حقوق الإنسان جريمة حرب محتملة. ولكن لماذا انتظرت واشنطن عامين لتعاقب من تعتقد أنهم المسؤولون عن هذه الجرائم؟ وأيضا من ضمن الانتهاكات التي أوردتها واشنطن "القيام بمئات عمليات الإعدام خارج سياق القانون في سجن تابع للفصيل في محافظة حلب منذ عام 2018". وهنا انتظرت واشنطن ثلاث سنوات لتعلن عقوبتها. 
قوائم أولية 
تتردد رغبة الحكومة الأميركية في إصدار قوائم عقوبات تحوي على الأقل ثلاثة كيانات كان منها فصيل أحرار الشرقية بالإضافة إلى فصائل "فرقة الحمزات" و"السلطان سليمان شاه" و"السلطان مراد" وأكثر من عشرين من قياداتهم بالإضافة إلى مدنيين ومقربين من هذه الفصائل من الجنسيات السورية والتركية ممن تعتبرهم واشنطن يعملون على تجنيد السوريين للقتال في الخارج. وهذا يشير إلى أن العقوبات الحالية قد تكون عقوبات أولية فقط وقد يصدر غيرها في حال استمرار الوضع على ما هو عليه. فالمرسوم التشريعي 13894 يترك الباب مفتوحاً للتأويل أمام وزيري الخارجية والخزانة لمعاقبة الكيانات والأفراد التي تعتبرها الولايات المتحدة تسهم في تدهور أوضاع السلم والاستقرار في الشمال السوري. فكما ينطبق ذلك على النظام السوري وحلفائه، فإن ذلك قد ينطبق أيضاً على بعض مسؤولي المعارضة الذين دعوا في السابق إلى القيام بعمليات عسكرية في عدة مناطق في الشمال. 
إجراءات 
لذلك تبدو أهمية جملة من الإجراءات يتوجب أخذها على المديين القصير والبعيد لحماية مؤسسات المعارضة الفاعلة من تبعات ما يجري وربما يفيد إصدار تقرير مدروس وشامل عن الخطوات القانونية التي تمت لمعالجة كل ما أورده قرار العقوبات من الانتهاكات السابقة وإنشاء لجنة حقيقية من كفاءات قانونية مميزة لعلاج كل الانتهاكات واستقبال أي شكاوى وإغلاق كل المسائل العالقة.. 
مرة أخرى أنا مع القانون ولكن أيضا مع التذكير بخطابات المسؤولين المتعلقة بالنظام ولقاءاتهم مع المعارضة وتصريحاتهم وبياناتهم ومواقفهم ومع ضرورة النظر إلى سوريا من كل الزوايا والنظر للسوريين بوصفهم أصحاب رأي، ومن هنا أقول إن الملف السوري لن ينتهي بقرار أو بإيقاف الدعم.. الملف السوري يغلق بحل عادل يرضي السوريين جميعا وأنا أرى أن المعارضة مازالت قادرة على العمل إن نسيت خلافاتها الشخصية ومصالحها الضيقة ووضعت سوريا أولا، كما أن الدول الكبرى مازالت قادرة جدا على الحل، رغم قتامة هذه المرحلة، بالاستناد إلى القرارات الدولية ذات الصلة إن توفرت لديها الإرادة السياسية..